الأربعاء، 6 أكتوبر 2010
رفع البصر إلى السماء في الصلاة
يُكره رَفْعُ البصر إلى السماء في الصلاة ، سواءٌ في حال القراءة أو في حال الرُّكوعِ، أو في حال الرَّفْعِ من الرُّكوع، أو في أي حال من الأحوال؛ بدليل وتعليل:
أما الدليل : فلأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال : «لينتهينَّ أقوامٌ عن رَفْعِ أبصارِهم إلى السَّماءِ في الصَّلاة؛ أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهم» أي: إما أن ينتهوا، وإما أن يعاقبوا بهذه العقوبة وهي : أن تُخطف أبصارهم فلا ترجع إليهم ، واشتدَّ قوله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، والحقيقة أن الدَّليل أقوى من المدلول ؛ لأن الدليل يقتضي أن يكون رَفْعُ البصرِ إلى السَّماءِ محرَّماً، فإن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم حَذَّر منه، واشتدَّ قوله فيه، ثم ذَكَرَ عقوبة محتملة، وهي أن تُخطف أبصارهم، ولا ترجع إليهم. ومن المعلوم أن التحذير عن الشيء بِذِكْرِ عقوبة يدلُّ على أنه حرام، كما قلنا في قوله صلّى الله عليه وسلّم:
«أَمَا يَخشى الذي يرفعُ رأسَه قبل الإمام أن يحوِّل اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ، أو يجعل صورتَه صورةَ حِمار»، إن هذا دليل على تحريم مسابقة الإمام، وقلنا في قوله عليه الصَّلاةُ والسَّلام : «لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفَّن اللهُ بين قلوبكم» ، إنَّ فيه دليلاً على القول الرَّاجح ، وهو وجوب تسوية الصفِّ.
وهذا الحديث في رَفْع البصرِ إلى السَّماءِ لا يقصر دلالة عن دلالة قوله صلّى الله عليه وسلّم : «أَمَا يَخشى الذي يرفعُ رأسَه قبل الإِمام أن يحوِّل اللهُ رأسَه رأسَ حِمار، أو يجعل صورتَه صورةَ حِمار» ، بل قد يكون أشدَّ وأبلغَ أن يرجع بصرُ الإنسان إلى عمى قبل أن يرتدَّ إليه.
وأما التعليل : فلأن فيه سوء أدب مع الله تعالى؛ لأن المصلِّي بين يدي الله، فينبغي أن يتأدَّبَ معه، وأن لا يرفعَ رأسَه، بل يكون خاضعاً ، ولهذا قال عَمرو بن العاص رضي الله عنه : إنه كان قبل أن يُسْلِمَ يكره النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كراهةً شديدةً ، حتى كان يحبُّ أن يتمكَّن منه فيقتله ، فلما أسلَمَ قال : ما كنت أطيق أن أملأ عينيَّ منه ؛ إجلالاً له ، ولو سُئلت أن أصفه ما أطقتُ) ولهذا كان القول الرَّاجح في رَفْعِ البصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاة أنه حرام؛ وليس بمكروه فقط . ولكن إذا قلنا بأنه حرام ؛ ثم رَفَعَ بصرَه إلى السَّماءِ ؛ فهل تبطل صلاتُه ؟
الجواب: اختلفَ في ذلك أهلُ العِلم، فقال بعضُهم: إنها تبطل الصلاة، وعلَّلوا ذلك بتعليلين:
التعليل الأول : أنه فِعْلٌ منهيٌّ عنه في العبادة ، والإنسان إذا فَعَلَ فِعْلاً منهيًّا عنه في العبادة أبطلها ؛ كالكلام في الصَّلاة، والأكل والشُّرب في الصَّوم ؛ لأنه ينافيها .
التعليل الثاني: أن فيه انحرافاً عن القِبْلة؛ لأنه إذا رَفَعَ رأسَه صار مستقبلاً القِبْلة بجسده لا بوجهه.
ولكن الذي يظهر لي أن المسألة لا تَصِلُ إلى حَدِّ البطلان.
أما التعليل : بأنه انحرافٌ عن القِبْلة فإنه منقوضٌ بالالتفات ، فإن الملتفت إلى اليمين أو اليسار قد انحرفَ عن القِبْلة ، ومع ذلك لا تبطل صلاتُه.
وأما التعليل : بأنه فِعْلٌ منهيٌّ عنه في العبادة فأبطلها ، كما أن الصَّلاة تبطل بالكلام ؛ والصوم بالأكل والشُّرب ؛ فهذا مثله ، فهذا لا شَكَّ أنه تعليل قويٌّ؛ لكن النَّفْسَ لا تطمئنُّ إلى أَمْرِ المُصلِّي بالإعادة إذا رَفَعَ رأسَه إلى السَّماءء ، إنما نقول : إنَّ صلاتك على خَطَر، وأما الإثم فإنك آثم ، وبناءً على ذلك يجب على طالب العِلم إذا رأى الذين يرفعون أبصارهم في الصَّلاة أن يعلمهم أن هذا حرام ، وأنا أرى كثيراً من الناس إذا رفَعَ رأسَه من الرُّكوع خاصَّة رَفَعَ وجهَه إلى السَّماءِ! فليَحْذَرْ ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الثالث
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18056.shtml

الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
منظر من اليمن

من أنا

- قطرات الندى
- أنا قلب ينبض بالحب ويزهر بالعطاااااااااء ... أنا شوق تعدى حدود المجرة والفضاااااء..... أنا من تحبكم في الله ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق